المكتبة
الفصل الثاني عشر: الكفّارة


”الفصل الثاني عشر: الكفّارة،“ مبادئ الإنجيل (٢٠١٨)

”الفصل الثاني عشر،“ مبادئ الإنجيل

الفصل الثاني عشر

الكفّارة

صورة
المسيح في حديقة جثسماني

إنّ الكفّارة ضروريّة لخلاصنا

  • لِمَ الكفّارة ضروريّة لخلاصنا؟

إنّ يسوع المسيح ”قد جاء إلى العالم … ليُصلب من أجل العالم ويحمل خطايا العالم ويقدّس العالم وينقّيه من كلّ شرّ وأن يخلص كلّ الذين وضعهم الآب تحت سلطانه وبه خلقهم“ (المبادئ والعهود ٧٦‏:٤١–٤٢). ويُقصد بالكفّارة التضحية العظيمة التي قام بها من أجلنا ليدفع ثمن خطايانا ويتخطّى الموت. وهي تشكّل أهمّ حدث في تاريخ البشرية: ”إنّ الكفّارة ضروريّةٌ: إذ يقضي التدبير العظيم الذي وضعه الإله الأبدي بأن تُقدّم كفّارة وإلّا هلك الجنس البشري حتماً. … والجميع كبوا وزاغوا فاستحقّوا الهلاك لولا الكفّارة“ (ألما ٣٤‏:٩).

أتى سقوط آدم بنوعين من الموت على الأرض: الموت الجسدي والموت الروحي. الموت الجسدي هو انفصال الجسد والروح. الموت الروحي فهو الانفصال عن الله. ولولا تخطّي كفّارة يسوع المسيح لهذين النوعين من الموت لتأتّت نتيجتان: لبقيت أجسادنا وأرواحنا منفصلة إلى الأبد ولما عشنا مجدّداً مع أبينا السماوي (راجع ٢ نافي ٩‏:٧–٩).

لكنّ أبانا السماوي الحكيم أعدّ خطّة رائعة ورحيمة ليخلّصنا من الموت الجسدي والروحي. فخطّط لمجيء مخلّص على الأرض يفدينا من خطايانا ومن الموت. إذ أننا بسبب خطايانا وضعف أجسادنا الفانية لا نستطيع أن نفدي أنفسنا (راجع ألما ٣٤‏:١٠–١٢). لذا على من سيضطلع بدور مخلّصنا أن يكون بلا خطيئة ويكون له سلطان على الموت.

يسوع المسيح كان الوحيد القادر على التكفير عن خطايانا

  • لِمَ كان يسوع المسيح الوحيد القادر على التكفير عن خطايانا؟

كثيرةٌ هي الأسباب التي تجعل من يسوع المسيح الشخص الوحيد القادر على أن يكون مخلّصنا. ومنها أنّ الآب السماوي اختاره ليكون المخلّص. وهو كان ابن الله المولود الوحيد وبالتالي كان له سلطان على الموت . وفسّر يسوع قائلاً: ”أضع نفسي لأخذها أيضاً. ليس أحدٌ يأخذها منّي بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطانٌ أن أضعها ولي سلطانٌ أن آخذها أيضاً“ (يوحنّا ١٠‏:١٧–١٨).

إلى هذا، إنّ يسوع هو أهلٌ لأن يكون مخلّصنا لأنّه الوحيد الذي عاش على الأرض ولم يخطئ. ممّا جعله تضحيةً قيّمة تُقدَّم عن خطايا الآخرين.

عانى المسيح ومات ليكفّر عن خطايانا

  • فيما تقرأ هذا القسم، تخيّل أنّك في حديقة جثسماني أو على الصليب كشاهدٍ على معاناة يسوع المسيح.

كفّر المخلّص عن خطايانا من خلال معاناته في جثسماني وتقديم حياته على الصليب. ومن المستحيل أن نفهم بالكامل كيف عانى من أجل خطايانا جميعها. في حديقة جثسماني، رزح تحت ثقل خطايانا فتعذّب عذاباً شديداً بحيث نزف من كلّ مسامة (راجع المبادئ والعهود ١٩‏:١٨–١٩). ولاحقاً، عندما عُلّق على الصليب عانى يسوع موتاً مؤلماً بإحدى أشنع الطرق التي عرفتها البشرية.

فكم يحبّنا يسوع ليعاني مثل هذا الألم الروحي والجسدي الشديد من أجلنا! وكم يحبّنا الآب السماوي ليرسل ابنه الوحيد ليعاني ويموت من أجل باقي أبنائه. ”لأنّه هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحيوة الأبديّة“ (يوحنّا ٣‏:١٦).

من شأن الكفّارة والقيامة إحداث القيامة للجميع

وفي اليوم الثالث بعد صلبه، أخذ المسيح جسده مجدّداً ليصبح الشخص الأوّل الذي يقوم من بين الأموات. وعندما ذهب أصدقاؤه ليبحثوا عنه. قالت لهم الملائكة التي كانت تحرس قبره: ”ليس هو ههنا: لأنّه قام كما قال“ (متّى ٢٨‏:٦). ودخلت روحه جسده مجدّداً لكي لا تنفصل عنه أبداً.

وهكذا تخطّى المسيح الموت الجسدي. بفضل كفّارته، سيُقام من الموت كلّ من وُلِد على هذه الأرض (راجع الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس ١٥‏:٢١–٢٢). وتماماً كما قام يسوع من الموت، ستتّحد أرواحنا من جديد بأجسادنا ”فلا تتعرّض للموت فيما بعد … وتجتمع … إلى غير فراق“ (ألما ١١‏:٤٥). وتُدعى هذه الحالة الخلود. وجميع من عاش على الأرض ”من كبيرٍ وصغيرٍ، من عبدٍ وحرٍّ، من ذكرٍ وأنثى. من شرّيرٍ وبارٍّ“ (ألما ١١‏:٤٤).

  • كيف ساعدتك معرفتك للقيامة؟

بفضل الكفّارة، من يؤمن بالمسيح يخلص من خطاياه

  • فكّر كيف يساعدنا المثل في هذا القسم على فهم الكفّارة. إلى من ترمز شخصيّات المثل في حياتنا؟

تجعلنا كفّارة المخلّص قادرين على تخطّي الموت الروحي. وصحيحٌ أنّ البشر جميعهم سيُقامون من الموت، إلّا أنّ وحدهم من يقبلون الكفّارة سيخلصون من الموت الروحي (راجع بنود الإيمان ١‏:٣).

قبولنا كفّارة المسيح يتمّ عن طريق إيماننا به. نتوب عن خطايانا ونُعمّد ونتسلّم الروح القدس ونطيع وصاياه. فنمسي تلاميذ مخلصين ليسوع المسيح. ونُسامَح عن خطايانا ونُطهَّر منها ونتحضّر لنعود إلى أبينا السماوي ونعيش معه إلى الأبد.

يقول لنا المخلّص: ”لأنّي أنا الله قد قاسيت كلّ هذه الأشياء من أجل الجميع لكي لا يقاسوا. … كما تعذبت“ (المبادئ والعهود ١٩‏:١٦–١٧). أدّى المسيح دوره ليكفّر عن خطايانا. ولكي يكون لكفّارته أفضل أثرٍ على حياتنا، علينا أن نسعى جاهدين لنطيعه ونتوب عن خطايانا.

أعطى الرئيس بويد ك. باكر من مجلس الإثني عشر المثل التوضيحي التالي ليرينا كيف يمكن لكفّارة المسيح أن تخلّصنا شرط أن نؤدّي دورنا.

”دعوني أخبركم قصّةً أو بالأحرى أعطيكم مثلاً.

”عقد أحد الرجال يوماً قلبه على أمرٍ في حياته. بدا له أهمّ من كلّ شيءٍ. وبغية الحصول على ما يريده، استدان مبلغاً كبيراً من المال.

”وقد تمّ تحذيره من الغرق في مبلغٍ كبيرٍ من الديون لا سيّما مع دائنٍ كدائنه. لكن بالنسبة إليه كان من المهمّ جدّاً أن يحقّق مبتغاه ويحقّقه فوراً. وهو كان متأكّداً من أنّه سيتمكّن من تسديد دينه لاحقاً.

”لذا وقّع على عقدٍ. وكان عليه أن يسدّد دينه لاحقاً، في يوم من الأيام. لم يقلق كثيراً حيال الأمر لأنّ تاريخ الاستحقاق بدا بعيداً. وهو قد حصل على مبتغاه الآن وهذا ما بدا له مهمّاً.

”وكان الدائن دوماً في باله وهو كان يسدّد دفعات رمزية بين الحين والآخر ظنّاً منه أنّ تاريخ الاستحقاق لن يأتي أبداً.

”لكن بالطبع أتى ذلك اليوم واستحقّ أداء العقد. ولم يكن الدين قد دُفع بالكامل. فجاء الدائن وطلب تسديد الدين بكامله.

”وأدرك حينها الرجل أنّ الدائن لا يمكنه أن يأخذ أملاكه فحسب بل هو أيضاً قادرٌ على زجّه في السجن.

”فاعترف له: ’لا أستطيع أن أدفع لك، ليس لدي الإمكانية.‘

”فأجابه الدائن: ’سننفّذ العقد إذاً، ونأخذ ممتلكاتك، وأنت ستذهب إلى السجن. أنت قبلت بهذه الشروط. هذا كان خيارك. لقد وقّعت على العقد والآن يجب تنفيذه.‘

”توسّل إليه المدين قائلاً: ’هل يمكنك أن تمدّد تاريخ الاستحقاق أو تعفيني من الدين؟‘ ’من فضلك، اعتمد أية طريقة تساعدني على الحفاظ على ممتلكاتي وتجنّبني الذهاب إلى السجن. بالطبع أنت تؤمن بالرحمة، أليس كذلك؟ ألن تكون رحوماً؟‘

”فأجاب الدائن: ’لم تكن الرحمة يوماً منصفة. ومن شأنها أن تخدمك أنت وحدك. فإن كنت رحوماً، لن أحصل على المبلغ المتبقّي. ما أطالب به هو العدالة. هل تؤمن بالعدالة؟‘

”قال المدين: ’كنت أؤمن بالعدالة عندما وقّعت على العقد.‘ ’فهي كانت إلى جانبي في ذلك الحين، واعتقدت أنّها ستحميني. لم أكن بحاجةٍ إلى الرحمة ولا فكّرت في أنّني سأحتاج إليها يوماً. وكنت أظنّ أنّ العدالة سوف تخدمنا نحن الإثنين بشكلٍ منصف.‘

”فأجاب الدائن: ’هي العدالة التي تتطلّب أن تدفع المبلغ المدرج في العقد أو تتحمّل العواقب.‘ ’هذا هو القانون. وأنت قبلت به وعلى الأمور أن تجري بهذه الطريقة. فلا تستطيع الرحمة أن تطغى على العدالة.‘

”تلك كانت الحالة السائدة بينهما: ففي حين كان أحدهما يسعى وراء تحقيق العدالة، كان الثاني يناشده طالباً الرحمة. وكان من المستحيل إرضاء أيّهما إلّا على حساب الآخر.

”توسّل المدين قائلاً: ’إن لم تعفني من الدين، لن يكون هناك رحمة.‘

”فأجاب الدائن: ’إن فعلتُ، لن تتحقق العدالة.‘

”وبدا أنّه لا يمكن تطبيق المبدأين سوياً. فهما مبدآن أبديان مثاليان إلّا أنّهما متناقضان في الظاهر. أما من طريقةٍ لتحقيق العدالة والرحمة معاً بصورة كاملة؟

”يوجد طريقة! يمكن تلبية متطلبات العدالة بالكامل واستيفاء شروط الرحمة كاملةً لكن ذلك يتطلّلب طرفاً ثالثاً. وهذا ما حصل هذه المرّة.

”كان للمدين صديقٌ. فأتى للمساعدة. وكان يعرف المدين جيّداً. ويعرف أنّه قليل التبصّر. وكان يعتبر أنّه من باب الجنون أن يكون المدين قد وضع نفسه في مأزقٍ مماثلٍ. إلّا أنّه أراد أن يساعده لأنّه يحبّه. فوقف بينهما وواجه الدائن مقدّماً عرضه.

”’سوف أسدّد لك الدين إن حرّرت المدين من عقده بحيث يحافظ على ممتلكاته ولا يدخل السجن.‘

”وفيما كان الدائن يفكّر ملياً بالعرض. أضاف الوسيط: ’لقد طالبتَ بالعدالة. وبما أنّه لا يستطيع أن يسدّد لك دينه سأدفعه أنا. فتكون معاملتك عادلة وبالتالي لا تستطيع أن تطلب المزيد. وإلّا لن يكون الأمر عادلاً.‘

”فوافق الدائن.

”ثمّ توجّه الوسيط إلى المدين. ’إن سدّدتُ دينك، هل تقبل بي كدائنك؟‘

”فصرخ المدين: ’نعم، نعم. بالطبع.‘ ’فأنت تخلّصني من السجن وتظهر لي الرحمة.‘

”عندها قال المحسن: ’إذاً سوف تسدّد الدين لي وأنا سأضع الشروط. لن تكون هذه الشروط سهلة لكنّها ستكون ممكنة. سأقدّم وسيلة. ولن تضطرّ إلى الذهاب إلى السجن.‘

”وهكذا كان سُدّد الدين كاملاً إلى الدائن. وبالتالي تمّت معاملة هذا الأخير بصورة عادلة. ولم يتمّ الإخلال بالعقد.

”أمّا المدين فقد عومِل برحمة. وهكذا تمّ تطبيق المبدأين. فبفضل الوسيط. أخذت العدالة حقّها كاملاً وحصلت الرحمة على حصّتها كاملةً“ (في تقرير المؤتمر العام، نيسان/أبريل ١٩٧٧، ٧٩–٨٠؛ أو Ensign، أيار/مايو ١٩٧٧، ٥٤–٥٥).

تشكّل خطايانا ديوننا الروحية. لولا يسوع المسيح الذي هو مخلّصنا ووسيطنا. لكنّا جميعنا دفعنا ثمن خطايانا من خلال معاناتنا الموت الروحي. ولكن بفضله، وإذا لبّينا شرطيه. أي التوبة وحفظ الوصايا. يمكننا أن نعود للعيش مع أبينا السماوي.

وإنّه لأمرٌ في غاية الروعة أن يكون المسيح قد أمّن لنا سبيلاً لنطهّر من خطايانا. فقال:

”لقد جئت إلى العالم … لأنقذ العالم من الخطيئة.

”فَكُلُّ مَنْ يَتُوبُ وَيَأْتِي إِلَيَّ كَطِفْلٍ صَغِيرٍ سَأَقْبَلُهُ لأَنَّ لِمِثْلِ هٰؤُلاءِ مَلَكُوتُ ٱللهِ. لأَنِّي لِمِثْلِهِمْ قَدْ بَذَلْتُ حَيَاتِي، وَعُدْتُ فَاسْتَرْجَعْتُهَا؛ إِذَنْ، تُوبِي يَا أَطْرَافَ ٱلْأَرْضِ وَتَعَالَيْ إِلَيَّ فَتَخْلُصِينَ“ (٣ نافي ٩‏:٢١–٢٢).

  • تأمّل كيف يمكنك أن تظهر امتنانك لهبة الكفّارة.

نصوص مقدّسة إضافية