النصوص المقدّسة
يوئيل ١


كِتَابُ يُوئِيلَ

يميل معظم دارسي الكتاب المقدس إلى عزو هذا الكتاب إلى القرن التاسع ق. م. وقد عمد النبي يوئيل إلى استخدام رمز هجوم الجراد ليصف دينونة اللّٰه التي لابد أن تحل بأورشليم. فكما أن أسراب الجراد قد التهمت كل الأرض كذلك ستفترس جيوش الأعداء أرض يهوذا إلا إذا تاب الشعب عن خطاياه ورجعوا جميعا إلى الرب. إن تجاوب الشعب مع رسالة النبي ورجعوا عن شرهم فإن الفرصة ما برحت متوافرة لهم ليتمتعوا بالازدهار والحظوة برضى الرب. والحظوة برضى الرب لا تقتصر في هذا الكتاب الجميل على الحاضر الراهن بل تتعداه إلى المستقبل، إلى الوقت الذي يسكب فيه اللّٰه روحه على كل بشر (٢‏:٢٨‏-٣٢‏). وقد تحقق بعض هذا، كما يبدو من العهد الجديد، في يوم الخمسين (أعمال ٢‏:١٦‏-٢١‏‏).

كانت رسالة يوئيل تتمحور حول دينونة اللّٰه الآتية على أورشليم إن أبى أهلها التوبة. فكما عرَّت أسراب الجراد الأرض من كل شجر أخضر وتركتها جرداء، كذلك سيجعل اللّٰه الأرض مقفرة من أهلها؛ ولكن إن تابوا وأخلصت قلوبهم لربهم، فإنهم لابد أن يرفلوا بنعيم الرفاهية وينعموا ببركاته.

الفصل ١

غزو الجراد

١ هَذَا مَا أَوْحَى بِهِ الرَّبُّ إِلَى يُوئِيلَ بْنِ فَثُوئِيلَ:

٢ اسْمَعُوا هَذَا أَيُّهَا الشُّيُوخُ، وَأَصْغُوا يَا جَمِيعَ أَهْلِ الأَرْضِ، هَلْ جَرَى مِثْلُ هَذَا فِي أَيَّامِكُمْ أَوْ فِي أَيَّامِ آبَائِكُمْ؟

٣ أَخْبِرُوا بِهَذَا أَبْنَاءَكُمْ، وَلْيُخْبِرْ أَبْنَاؤُكُمْ أَبْنَاءَهُمْ لِيَنْقُلُوهُ إِلَى الأَجْيَالِ الْقَادِمَةِ.

٤ إِنَّ مَا تَخَلَّفَ مِنْ مَحْصُولِكُمْ عَنْ هَجَمَاتِ الزَّحَّافِ الْتَهَمَتْهُ أَسْرَابُ الْجَرَادِ، وَمَا تَفَضَّلَ عَنْ أَسْرَابِ الْجَرَادِ أَكَلَتْهُ الْجَنَادِبُ؛ وَمَا بَقِيَ عَنِ الْجَنَادِبِ قَضَى عَلَيْهِ الطَّيَّارُ.

٥ اصْحُوا أَيُّهَا السَّكَارَى، وَابْكُوا يَا جَمِيعَ مُدْمِنِي الْخَمْرِ عَلَى الْعَصِيرِ لأَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ عَنْ أَفْوَاهِكُمْ.

٦ فَإِنَّ أُمَّةً قَدْ زَحَفَتْ عَلَى أَرْضِي، أُمَّةً قَوِيَّةً لَا تُحْصَى لِكَثْرَتِهَا. لَهَا أَسْنَانُ لَيْثٍ وَأَنْيَابُ لَبُوءَةٍ،

٧ فَأَتْلَفَتْ كُرُومِي وَحَطَّمَتْ أَشْجَارَ بَيْتِي وَسَلَخَتْ قُشُورَهَا وَطَرَحَتْهَا، فَابْيَضَّتْ أَغْصَانُهَا.

٨ نُوحُوا كَمَا تَنُوحُ صَبِيَّةٌ مُتَّشِحَةٌ بِالْمُسُوحِ عَلَى زَوْجِهَا الَّذِي مَاتَ.

٩ لأَنَّ تَقْدِمَاتِ الدَّقِيقِ وَالْخَمْرِ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْ بَيْتِ الرَّبِّ، وَانْتَحَبَ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ.

١٠ قَدْ خَرِبَتِ الْحُقُولُ، وَنَاحَتِ الأَرْضُ لأَنَّ الْحِنْطَةَ تَلِفَتْ وَالْخَمْرَةَ انْقَطَعَتْ، وَافْتُقِدَ زَيْتُ الزَّيْتُونِ.

١١ اخْزَوْا أَيُّهَا الْحَرَّاثُونَ وَوَلْوِلُوا أَيُّهَا الْكَرَّامُونَ عَلَى الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ، لأَنَّ حَصَادَ الْحَقْلِ قَدْ تَلِفَ.

١٢ قَدْ ذَوَى الْكَرْمُ وَذَبُلَ التِّينُ وَالرُّمَّانُ وَالنَّخِيلُ وَالتُّفَّاحُ وَيَبِسَتْ سَائِرُ أَشْجَارِ الْحَقْلِ، وَزَالَتِ الْبَهْجَةُ مِنْ أَبْنَاءِ الْبَشَرِ.

دعوة للنواح

١٣ أَيُّهَا الْكَهَنَةُ اتَّشِحُوا بِالْمُسُوحِ وَنُوحُوا. وَلْوِلُوا يَا خُدَّامَ الْمَذْبَحِ. تَعَالَوْا وَبِيتُوا لَيْلَتَكُمْ بِالْمُسُوحِ يَا خُدَّامَ إِلَهِي، لأَنَّ تَقْدِمَاتِ الدَّقِيقِ وَالْخَمْرِ قَدْ مُنِعَتْ عَنْ هَيْكَلِ اللّٰهِ.

١٤ خَصِّصُوا صَوْماً. نَادُوا بِالاعْتِكَافِ. ادْعُوا الشُّيُوخَ وَجَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ لِلاجْتِمَاعِ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ.

١٥ يَا لَهُ مِنْ يَوْمٍ رَهِيبٍ، لأَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ يَأْتِي حَامِلاً مَعَهُ الدَّمَارَ مِنْ عِنْدِ الْقَدِيرِ.

١٦ أَلَمْ يَنْقَطِعِ الطَّعَامُ أَمَامَ عُيُونِنَا، أَلَمْ يَتَلاشَ الْفَرَحُ وَالْغِبْطَةُ مِنْ بَيْتِ إِلَهِنَا؟

١٧ قَدْ تَعَفَّنَتِ الْحُبُوبُ الْمَزْرُوعَةُ فِي الأَرْضِ الْجَافَّةِ، وَتَهَدَّمَتِ الْمَخَازِنُ وَفَرِغَتِ الصَّوَامِعُ مِنَ الْقَمْحِ، لأَنَّ الْحُبُوبَ قَدْ جَفَّتْ.

١٨ لَكَمْ أَنَّتِ الْبَهَائِمُ، وَشَرَدَتِ الْمَوَاشِي إِذِ افْتَقَرَتْ إِلَى الْمَرْعَى. حَتَّى قُطْعَانُ الْغَنَمِ هَلَكَتْ أَيْضاً.

١٩ إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَصْرُخُ لأَنَّ النَّارَ قَدِ الْتَهَمَتْ مَرَاعِيَ الْبَرِّيَّةِ، وَأَحْرَقَ اللَّهِيبُ كُلَّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ.

٢٠ حَتَّى الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ اسْتَغَاثَتْ بِكَ، لأَنَّ مِيَاهَ الْجَدَاوِلِ الْجَارِيَةَ قَدْ جَفَّتْ، وَالْتَهَمَتِ النِّيرَانُ مَرَاعِيَ الْبَرِّيَّةِ.