الفصل الخامس
يقتبس يعقوب من القصة الرمزية لزينوس عن أشجار الزيتون الطيبة والبرية مثالًا عن إسرائيل والأمم—التنبؤ بتشتت إسرائيل وتجمعها—تلميحات إلى النافيين واللامانيين وكل بيت إسرائيل—ستُطعَّم شعوب الأمم في شعب إسرائيل—في النهاية يحترق البستان. حوالي ٥٤٤–٤٢١ ق.م.
١ اِسْمَعوا، يا إِخْوَتي الْأَحِبّاءَ، أَلا تَتَذَكَّرونَ أَنَّكُمْ قَرَأْتُمْ كَلامَ النَّبِيِّ زينوسَ الَّذي تَحَدَّثَ بِهِ إِلى بَيْتِ إِسْرائيلَ قائِلًا:
٢ أَصْغِ يا بَيْتَ إِسْرائيلَ وَاسْمَعْ كَلامي أَنا، نَبِيٍّ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ.
٣ فَهٰكَذا يَقولُ الرَّبُّ، سَأُشَبِّهُكَ يا بَيْتَ إِسْرائيلَ بِشَجَرَةِ زَيْتونٍ طَيِّبَةٍ غَرَسَها إِنْسانٌ في بُسْتانِهِ وَغَذّاها؛ فَنَمَتْ وَشاخَتْ وَبَدَأَتْ تَفْسِدُ.
٤ وَحَدَثَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ خَرَجَ وَرَأى أَنَّ زَيْتونَتَهُ قَدْ بَدَأَتْ تَفْسِدُ، فَقالَ: سَأُقَلِّمُها وَأَحْفِرُ حَوْلَها وَأُغَذّيها لَعَلَّها تُنْبِتُ أَغْصانًا صَغيرَةً نَضِرَةً، فَلا تَهْلِكُ.
٥ وَكانَ أَنَّهُ قَلَّمَها وَحَفَرَ حَوْلَها وَغَذّاها حَسَبَ كَلِمَتِهِ.
٦ وَبَعْدَ أَيّامٍ كَثيرَةٍ بَدَأَتْ تُنْبِتُ بَعْضَ الْأَغْصانِ الصَّغيرَةِ النَّضِرَةِ؛ لٰكِنَّ الْأَغْصانَ الرَّئيسِيَّةَ مِنْ أَعْلاها بَدَأَتْ تَذْبُلُ.
٧ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ رَآها فَقالَ لِخادِمِهِ: يُحْزِنُني أَنْ أَفْقِدَ هٰذِهِ الشَّجَرَةَ؛ لِذٰلِكَ، اذْهَبْ وَانْزِعِ الْأَغْصانَ مِنْ شَجَرَةِ زَيْتونٍ بَرِّيَّةٍ وَأَحْضِرْها إِلَيَّ؛ وَسَنَنْزِعُ تِلْكَ الْأَغْصانَ الرَّئيسِيَّةَ الَّتي بَدَأَتْ تَذْبُلُ وَنَطْرَحُها في النّارِ حَتّى تَحْتَرِقَ.
٨ وَها إِنّي، يَقولُ رَبُّ الْبُسْتانِ، آخُذُ الْكَثيرَ مِنْ هٰذِهِ الْأَغْصانِ الصَّغيرَةِ النَّضِرَةِ وَأُطَعِّمُها حَيْثُما أُريدُ؛ وَلا يَهُمُّ إِنْ هَلَكَ جِذْرُ هٰذِهِ الشَّجَرَةِ، حَيْثُ أَنَّهُ يُمْكِنُني أَنْ أَحْتَفِظَ بِثِمارِها لِنَفْسي؛ لِذٰلِكَ، فَإِنّي سَآخُذُ هٰذِهِ الْأَغْصانَ الصَّغيرَةَ النَّضِرَةَ وَسَأُطَعِّمُها حَيْثُما أُريدُ.
٩ خُذْ أَغْصانَ شَجَرَةِ الزَّيْتونِ الْبَرِّيَّةِ وَطَعِّمْها مَكانَها؛ وَتِلْكَ الَّتي نَزَعْتُها فَإِنَّني سَأَطْرَحُها في النّارِ وَأُحْرِقُها كَيْ لا تَفْرِشَ أَرْضَ بُسْتاني.
١٠ وَحَدَثَ أَنَّ خادِمَ رَبِّ الْبُسْتانِ فَعَلَ وَفْقًا لِكَلِمَةِ رَبِّ الْبُسْتانِ وَطَعَّمَ أَغْصانَ شَجَرَةِ الزَّيْتونِ الْبَرِّيَّةِ.
١١ وَأَمَرَ رَبُّ الْبُسْتانِ بِأَنْ يُحْفَرَ حَوْلَها وَتُقَلَّمَ وَتُغَذّى قائِلًا لِخادِمِهِ: يُحْزِنُني أَنْ أَفْقِدَ هٰذِهِ الشَّجَرَةَ؛ لِذٰلِكَ فَعَلْتُ هٰذا، آمِلًا في أَنْ أَحْفَظَ جُذورَها كَيْ لا تَهْلِكَ، حَتّى أَحْتَفِظَ بِها لِنَفْسي.
١٢ لِذٰلِكَ امْضِ في سَبيلِكَ؛ راقِبِ الشَّجَرَةَ وَغَذِّها وَفْقًا لِكَلامي.
١٣ وَهٰذِهِ أَضَعُها في أَخْفَضِ بُقْعَةٍ في بُسْتاني، حَيْثُ أُريدُ، لا يَعْنيكَ الْأَمْرُ؛ وَأَفْعَلُ ذٰلِكَ كَيْ أَحْفَظَ لِنَفْسي الْأَغْصانَ الطَّبيعِيَّةَ لِلشَّجَرَةِ؛ وَأَيْضًا كَيْ أَدَّخِرَ لِنَفْسي ثِمارًا اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ؛ لِأَنَّهُ يُحْزِنُني أَنْ أَفْقِدَ هٰذِهِ الشَّجَرَةَ وَثِمارَها.
١٤ وَحَدَثَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ مَضى في سَبيلِهِ، وَأَخْفى الْأَغْصانَ الطَّبيعِيَّةَ لِلشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ في أَخْفَضِ بِقاعِ الْبُسْتانِ، بَعْضٌ في مَكانٍ وَبَعْضٌ في آخَرَ، حَسَبَ إِرادَتِهِ وَمَسَرَّتِهِ.
١٥ وَمَضى زَمَنٌ طَويلٌ، فَقالَ رَبُّ الْبُسْتانِ لِخادِمِهِ: تَعالَ، فَلْنَنْزِلْ إِلى الْبُسْتانِ كَيْ نَعْمَلَ في الْبُسْتانِ.
١٦ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ وَالْخادِمَ أَيْضًا نَزَلا إِلى الْبُسْتانِ لِيَعْمَلا. وَكانَ أَنَّ الْخادِمَ قالَ لِسَيِّدِهِ: تَطَلَّعْ، اُنْظُرْ هُنا؛ اُنْظُرْ إِلى الشَّجَرَةِ.
١٧ وَحَدَثَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ نَظَرَ وَأَبْصَرَ الشَّجَرَةَ الَّتي طُعِّمَتْ فيها أَغْصانُ شَجَرَةِ الزَّيْتونِ الْبَرِّيَّةِ؛ فَإِذا بِها قَدْ أَيْنَعَتْ وَبَدَأَتْ تَثْمُرُ. وَرَأى أَنَّها كانَتْ جَيِّدَةً وَأَنَّ ثِمارَها كانَتْ كَالثِّمارِ الطَّبيعِيَّةِ.
١٨ وَقالَ لِلْخادِمِ: إِنَّ أَغْصانَ الشَّجَرَةِ الْبَرِّيَّةِ قَدِ اسْتَأْثَرَتْ بِنَداوَةِ جِذْرِها، وَأَصْبَحَ جِذْرُها قَوِيًّا جِدًّا؛ وَبِسَبَبِ قُوَّةِ جِذْرِها فَإِنَّ الْأَغْصانَ الْبَرِّيَّةَ أَثْمَرَتْ ثِمارًا طَيِّبَةً. وَلَوْ لَمْ نُطَعِّمْ هٰذِهِ الْأَغْصانَ لَهَلَكَتِ الشَّجَرَةُ. وَالْآنَ فَإِنَّني أَدَّخِرُ الْكَثيرَ مِنَ الثَّمَرِ الَّذي أَثْمَرَتْهُ الشَّجَرَةُ؛ وَثَمَرُها أَدَّخِرُهُ لِنَفْسي اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ.
١٩ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ قالَ لِلْخادِمِ: تَعالَ، فَلْنَذْهَبْ إِلى أَخْفَضِ بُقْعَةٍ في الْبُسْتانِ لِنَرى ما إِذا كانَتِ الْأَغْصانُ الطَّبيعِيَّةُ لِلشَّجَرَةِ قَدْ أَثْمَرَتْ كَثيرًا أَيْضًا، كَيْ أَدَّخِرَ لِنَفْسي مِنْ ثِمارِها اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ.
٢٠ وَحَدَثَ أَنَّهُما مَضَيا إِلَى حَيْثُ أَخْفى السَّيِّدُ الْأَغْصانَ الطَّبيعِيَّةَ لِلشَّجَرَةِ وَقالَ لِلْخادِمِ: أَبْصِرْ هٰذِهِ؛ فَرَأى أَنَّ الْأولى كانَتْ قَدْ أَثْمَرَتْ كَثيرًا؛ وَأَبْصَرَ أَنَّها أَيْضًا كانَتْ جَيِّدَةً. فَقالَ لِلْخادِمِ: خُذْ مِنْ ثَمَرِها وَادَّخِرْهُ اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ، كَيْ أَحْفَظَهُ لِنَفْسي؛ وَقالَ كَذٰلِكَ: إِنَّني قَدْ غَذَّيْتُها لِهٰذِهِ الْمُدَّةِ الطَّويلَةِ فَأَثْمَرَتْ كَثيرًا.
٢١ وَكانَ أَنَّ الْخادِمَ قالَ لِسَيِّدِهِ: لِمَ أَتَيْتَ هُنا لِتَزْرَعَ هٰذِهِ الشَّجَرَةَ أَوْ هٰذا الْغُصْنَ مِنَ الشَّجَرَةِ؟ فَإِنَّها كانَتِ الْجِهَةَ الْأَكْثَرَ بورًا في أَرْضِ بُسْتانِكَ.
٢٢ فَقالَ لَهُ رَبُّ الْبُسْتانِ: لا تُشِرْ عَلَيَّ؛ فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّها جِهَةُ بورٍ مِنَ الْأَرْضِ؛ لِذٰلِكَ قُلْتُ لَكَ أَنَّني قَدْ غَذَّيْتُها لِهٰذِهِ الْمُدَّةِ الطَّويلَةِ، وَها أَنْتَ تَرى أَنَّها أَثْمَرَتْ كَثيرًا.
٢٣ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ قالَ لِخادِمِهِ: اُنْظُرْ هُنا؛ فَإِنّي قَدْ زَرَعْتُ غُصْنًا آخَرَ مِنَ الشَّجَرَةِ أَيْضًا؛ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هٰذِهِ الْجِهَةَ مِنَ الْأَرْضِ كانَتْ أَكْثَرَ بورًا مِنَ الْأولى. لٰكِنْ أَبْصِرِ الشَّجَرَةَ. لَقَدْ غَذَّيْتُها لِهٰذِهِ الْمُدَّةِ الطَّويلَةِ فَأَثْمَرَتْ كَثيرًا؛ لِذٰلِكَ اجْمَعْهُ وَادَّخِرْهُ اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ كَيْ أَحْفَظَهُ لِنَفْسي.
٢٤ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ قالَ ثانِيَةً لِخادِمِهِ: اُنْظُرْ هُنا، وَأَبْصِرْ غُصْنًا آخَرَ أَيْضًا قَدْ زَرَعْتُهُ؛ فَإِنّي قَدْ غَذَّيْتُهُ أَيْضًا فَأَثْمَرَ كَثيرًا.
٢٥ وَقالَ لِلْخادِمِ: اُنْظُرْ هُنا وَأَبْصِرِ الْأَخيرَ. فَإِنَّني قَدْ زَرَعْتُ هٰذا في جِهَةٍ جَيِّدَةٍ مِنَ الْأَرْضِ؛ وَقَدِ غَذَّيْتُهُ لِهٰذِهِ الْفَتْرَةِ الطَّويلَةِ، وَجُزْءٌ مِنَ الشَّجَرَةِ فَقَطْ أَثْمَرَ ثَمَرًا طَيِّبًا، أَمّا الْجُزْءُ الْآخَرُ مِنَ الشَّجَرَةِ فَقَدْ أَثْمَرَ ثَمَرًا بَرِّيًّا؛ وَقَدْ غَذَّيْتُ هٰذِهِ الشَّجَرَةَ مِثْلَ الْأُخْرَياتِ.
٢٦ وَقالَ رَبُّ الْبُسْتانِ لِلْخادِمِ: اِنْزِعِ الْأَغْصانَ الَّتي لَمْ تُثْمِرْ ثَمَرًا جَيِّدًا وَاطْرَحْها في النّارِ.
٢٧ لٰكِنَّ الْخادِمَ قالَ لَهُ: فَلْنُقَلِّمْها وَلْنَحْفِرْ مِنْ حَوْلِها وَلنُغَذِّها لِمُدَّةٍ أَطْوَلَ قَليلًا لَعَلَّها تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا لَكَ كَيْ تَدَّخِرَهُ اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ.
٢٨ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ وَخادِمَهُ غَذَّيا كُلَّ ثِمارِ الْبُسْتانِ.
٢٩ وَمَرَّ زَمَنٌ طَويلٌ، وَقالَ رَبُّ الْبُسْتانِ لِخادِمِهِ: تَعالَ نَنْزِلُ إِلى الْبُسْتانِ كَيْ نَعْمَلَ ثانِيَةً في الْبُسْتانِ. فَإِنَّ الْوَقْتَ يَقْتَرِبُ وَالنِّهايَةُ تَأْتي عَنْ قَريبٍ؛ لِذٰلِكَ فَإِنَّني يَجِبُ أَنْ أَدَّخِرَ لِنَفْسي ثِمارًا اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ.
٣٠ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ وَالْخادِمَ نَزَلا إِلى الْبُسْتانِ؛ وَأَتَيا الشَّجَرَةَ الَّتي كانَتْ أَغْصانُها الطَّبيعِيَّةُ قَدْ قُطِعَتْ وَطُعِّمَتْ بِها الْأَغْصانُ الْبَرِّيَّةُ، فَإِذا هِيَ مُحَمَّلَةٌ بِكُلِّ أَنْواعِ الثِّمارِ.
٣١ وَحَدَثَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ ذاقَ الثَّمَرَ، كُلَّ نَوْعٍ حَسَبَ عَدَدِهِ. وَقالَ رَبُّ الْبُسْتانِ: لِهٰذِهِ الْفَتْرَةِ الطَّويلَةِ غَذَّيْنا هٰذِهِ الشَّجَرَةَ وَقَدِ ادَّخَرْتُ لِنَفْسي الْكَثيرَ مِنَ الثَّمَرِ اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ.
٣٢ وَلٰكِنْ في هٰذِهِ الْمَرَّةِ قَدْ أَثْمَرَتِ الشَّجَرَةُ ثَمَرًا كَثيرًا وَلا يوجَدُ فيهِ ما هُوَ جَيِّدٌ. وَإِنَّ هُناكَ أَنْواعًا كَثيرَةً مِنَ الثِّمارِ الرَّديئَةِ؛ وَهِيَ لا تُفيدُني بِشَيْءٍ عَلى الرَّغْمِ مِنْ كُلِّ تَعَبِنا؛ وَيُحْزِنُني أَنْ أَفْقِدَ هٰذِهِ الشَّجَرَةَ.
٣٣ فَقالَ رَبُّ الْبُسْتانِ لِلْخادِمِ: ماذا عَلَيْنا أَنْ نَفْعَلَ لِلشَّجَرَةِ كَيْ أَحْفَظَ لِنَفْسي ثانِيَةً ثِمارًا جَيِّدَةً؟
٣٤ فَقالَ الْخادِمُ لِسَيِّدِهِ: لِأَنَّكَ طَعَّمْتَ أَغْصانَ شَجَرَةِ الزَّيْتونِ الْبَرِّيَّةِ، فَقَدْ غَذَّتِ الْجُذورَ حَتّى أَنَّها حَيَّةٌ وَلَمْ تَهْلِكْ؛ لِذٰلِكَ فَإِنَّكَ تَرى أَنَّها لا زالَتْ جَيِّدَةً.
٣٥ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ قالَ لِخادِمِهِ: اَلشَّجَرَةُ لا تُفيدُني بِشَيْءٍ، وَجُذورُها لا تُفيدُني بِشَيْءٍ ما دامَتْ تُثْمِرُ ثِمارًا رَديئَةً.
٣٦ وَمَعَ ذٰلِكَ فَإِنَّني أَعْلَمُ أَنَّ الْجُذورَ جَيِّدَةٌ وَلِغَرَضٍ في نَفْسي حَفِظْتُها؛ وَلِشِدَّةِ قُوَّتِها فَإِنَّها قَدْ أَثْمَرَتْ ثِمارًا جَيِّدَةً مِنَ الْأَغْصانِ الْبَرِّيَّةِ حَتّى الْآنَ.
٣٧ لٰكِنَّ الْأَغْصانَ الْبَرِّيَّةَ قَدْ نَمَتْ وَطَغَتْ عَلى جُذورِها؛ وَلِأَنَّ الْأَغْصانَ الْبَرِّيَّةَ قَدْ طَغَتْ عَلى جُذورِها فَإِنَّها قَدْ أَثْمَرَتِ الْكَثيرَ مِنَ الثِّمارِ الرَّديئَةِ؛ وَلِأَنَّها أَثْمَرَتْ هٰذِهِ الْكَثْرَةَ مِنَ الثِّمارِ الرَّديئَةِ فَإِنَّكَ تَرى أَنَّها بَدَأَتْ تَهْلِكُ؛ وَعَنْ قُرْبٍ سَتُصْبِحُ هَرِمَةً حَتّى أَنَّها قَدْ تُطْرَحُ في النّارِ إِلّا إِذا فَعَلْنا شَيْئًا لِنَحْفَظَها.
٣٨ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ قالَ لِخادِمِهِ: دَعْنا نَنْزِلُ إِلى أَخْفَضِ بُقْعَةٍ في الْبُسْتانِ وَنَرى إِذا كانَتِ الْأَغْصانُ الطَّبيعِيَّةُ قَدْ أَثْمَرَتْ ثِمارًا رَديئَةً كَذٰلِكَ.
٣٩ وَحَدَثَ أَنَّهُما نَزَلا إِلى أَخْفَضِ بُقْعَةٍ في الْبُسْتانِ، وَحَدَثَ أَنَّهُما أَبْصَرا أَنَّ ثَمَرَ الْأَغْصانِ الطَّبيعِيَّةِ قَدْ فَسَدَ أَيْضًا؛ أَجَلِ، الْأولى وَالثّانِيَةُ وَالْأَخيرَةُ أَيْضًا؛ وَكُلُّها قَدْ فَسَدَتْ.
٤٠ وَالثَّمَرُ الْبَرِّيُّ لِلْأَخيرَةِ قَدْ طَغى عَلى ذٰلِكَ الْجانِبِ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّذي أَثْمَرَ ثَمَرًا جَيِّدًا حَتّى أَنَّ الْغُصْنَ قَدْ ذَبَلَ وَماتَ.
٤١ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ بَكى وَقالَ لِلْخادِمِ: ماذا كانَ بِإِمْكاني أَنْ أَفْعَلَ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ لِأَجْلِ بُسْتاني؟
٤٢ فَإِنَّني عَرَفْتُ أَنَّ جَميعَ ثِمارِ الْبُسْتانِ، ما عَدا هٰذِهِ، قَدْ فَسَدَتْ. وَالْآنَ، هٰذِهِ الْأَغْصانُ الَّتي أَثْمَرَتْ في السابِقِ ثِمارًا جَيِّدَةً فَسَدَتْ أَيْضًا؛ وَالْآنَ جَميعُ أَشْجارِ بُسْتاني لَيْسَتْ صالِحَةً لِشَيْءٍ إِلّا لِتُقْطَعَ وَتُطْرَحَ في النّارِ.
٤٣ وَهٰذِهِ الْأَخيرَةُ الَّتي ذَبَلَ غُصْنُها فَقَدْ زَرَعْتُها في بُقْعَةٍ جَيِّدَةٍ مِنَ الْأَرْضِ؛ أَجَلْ، بَلْ في بُقْعَةٍ كانَتْ مُخْتارَةً لي، تَفوقُ الْبِقاعَ الْأُخْرى في أَرْضِ بُسْتاني.
٤٤ وَقَدْ أَبْصَرْتَ أَنَّني قَدْ قَطَعْتُ أَيْضًا كُلَّ ما كانَ يَفْرِشُ هٰذِهِ الْبُقْعَةَ مِنَ الْأَرْضِ كَيْ أَزْرَعَ مَكانَهُ هٰذِهِ الشَّجَرَةَ.
٤٥ وَقَدْ أَبْصَرْتَ أَنَّ جُزْءًا مِنْها حَمَلَ ثِمارًا جَيِّدَةً، وَأَنَّ جُزْءًا مِنْها حَمَلَ ثِمارًا بَرِّيَّةً؛ وَلِأَنَّني لَمْ أَنْزِعْ تِلْكَ الْأَغْصانَ وَأَطْرَحْها في النّارِ فَإِنَّها قَدْ طَغَتْ عَلى الْغُصْنِ الْجَيِّدِ فَذَبَلَ.
٤٦ وَالآنَ رَغْمَ كُلِّ الرِّعايَةِ الَّتي قَدَّمْناها لِبُسْتاني فَإِنَّ أَشْجارَهُ قَدْ فَسَدَتْ فَصارَتْ لا تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا؛ وَكُنْتُ آمُلُ أَنْ أَحْفَظَ هٰذِهِ لِأَدَّخِرَ مِنْها لِنَفْسي اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ. لٰكِنَّها قَدْ أَصْبَحَتْ مِثْلَ شَجَرَةِ الزَّيْتونِ الْبَرِّيَّةِ وَلا تَنْفَعُ بِشَيْءٍ إِلّا لِلْقَطْعِ وَالطَّرْحِ في النّارِ؛ وَيُحْزِنُني أَنْ أَفْقِدَها.
٤٧ لٰكِنْ ماذا كانَ بِإِمْكاني أَنْ أَفْعَلَ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ لِبُسْتاني؟ هَلْ أَرْخَيْتُ يَدي فَلَمْ أُغَذِّهِ؟ لا، لَقَدْ غَذَّيْتُهُ وَقَدْ حَفَرْتُ مِنْ حَوْلِهِ وَقَلَّمْتُهُ وَسَمَّدْتُهُ؛ وَمَدَدْتُ يَدي طِوالَ الْيَوْمِ تَقْريبًا وَالنِّهايَةُ تَقْتَرِبُ. وَيُحْزِنُني أَنْ أَقْطَعَ كُلَّ أَشْجارِ بُسْتاني وَأَنْ أَطْرَحَها في النّارِ كَيْ تَحْتَرِقَ. مَنِ الَّذي أَفْسَدَ بُسْتاني؟
٤٨ وَكانَ أَنَّ الْخادِمَ قالَ لِسَيِّدِهِ: أَلَيْسَ ذٰلِكَ بِسَبَبِ التَّشامُخِ الْمُفْرِطِ في بُسْتانِكَ—أَلَمْ تَطْغَ أَغْصانُهُ عَلى الْجُذورِ الْجَيِّدَةِ؟ وَلِأَنَّ الْأَغْصانَ قَدْ طَغَتْ عَلى الْجُذورِ فَإِنَّها نَمَتْ أَسْرَعَ مِنْ قُوَّةِ الْجُذورِ وَاسْتَأْثَرَتْ بِالْقُوَّةِ. فَإِنّي أَقولُ، أَلَيْسَ هٰذا هُوَ السَّبَبَ في أَنَّ أَشْجارَ بُسْتانِكَ قَدْ فَسَدَتْ؟
٤٩ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ قالَ لِلْخادِمِ: فَلْنَذْهَبْ وَنَقْطَعْ أَشْجارَ الْبُسْتانِ وَنَطْرَحْها في النّارِ كَيْ لا تَفْرِشَ أَرْضَ بُسْتاني، لِأَنّي قَدْ فَعَلْتُ كُلَّ شَيْءٍ. ماذا كانَ بِإِمْكاني أَنْ أَفْعَلَ أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ لِبُسْتاني؟
٥٠ لٰكِنَّ الْخادِمَ قالَ لِرَبِّ الْبُسْتانِ: أَبْقِ عَلَيْهِ لِمُدَّةٍ أَطْوَلَ قَليلًا.
٥١ فَقالَ الرَّبُّ: أَجَلْ، سَأُبْقي عَلَيْهِ لِمُدَّةٍ أَطْوَلَ قَليلًا لِأَنَّهُ يُحْزِنُني أَنْ أَفْقِدَ أَشْجارَ بُسْتاني.
٥٢ لِذٰلِكَ لِنَأْخُذْ مِنَ الْأَغْصانِ الَّتي زَرَعْتُها في أَخْفَضِ بُقْعَةٍ مِنْ بُسْتاني وَلْنُطَعِّمْها في الشَّجَرَةِ الَّتي أَتَتْ مِنْها؛ وَلْنَنْزِعْ مِنَ الشَّجَرَةِ تِلْكَ الْأَغْصانَ الَّتي ثَمَرُها هُوَ الْأَكْثَرُ مَرارَةً وَلْنُطَعِّمْ مَكانَها الْأَغْصانَ الطَّبيعِيَّةَ لِلشَّجَرَةِ.
٥٣ وَأَفْعَلُ هٰذا كَيْلا تَهْلِكَ الشَّجَرَةُ وَرُبَّما قَدْ أَحْفَظُ لِنَفْسي جُذورَها لِغَرَضٍ في نَفْسي.
٥٤ فَإِنَّ جُذورَ الْأَغْصانِ الطَّبيعِيَّةِ لِلشَّجَرَةِ الَّتي زَرَعْتُها حَيْثُما أَرَدْتُ لا زالَتْ حَيَّةً؛ لِذا، وَكَيْ أَحْفَظَها أَيْضًا لِغَرَضٍ في نَفْسي، فَإِنّي سَآخُذُ مِنْ أَغْصانِ هٰذِهِ الشَّجَرَةِ وَسَأُطَعِّمُها فيها. أَجَلْ، سَأُطَعِّمُ فيها أَغْصانَ شَجَرَتِها الْأُمِّ كَيْ أَحْفَظَ الْجُذورَ أَيْضًا لِنَفْسي، فَإِنَّها عِنْدَما تَقْوى بِما يَكْفي فَلَرُبَّما تُثْمِرُ ثِمارًا طَيِّبَةً لي فَيُتاحُ لي أَنْ أَتَمَجَّدَ بِثَمَرِ بُسْتاني.
٥٥ وَكانَ أَنَّهُما أَخَذا مِنْ أَغْصانِ الشَّجَرَةِ الطَّبيعِيَّةِ الَّتي أَصْبَحَتْ بَرِّيَّةً وَطَعَّماها في الْأَشْجارِ الطَّبيعِيَّةِ وَالَّتي أَصْبَحَتْ بَرِّيَّةً أَيْضًا.
٥٦ وَأَخَذا أَيْضًا مِنْ أَغْصانِ الْأَشْجارِ الطَّبيعِيَّةِ الَّتي أَصْبَحَتْ بَرِّيَّةً وَطَعَّماها في شَجَرَتِها الْأُمِّ.
٥٧ وَقالَ رَبُّ الْبُسْتانِ لِلْخادِمِ: لا تَنْزِعِ الْأَغْصانَ الْبَرِّيَّةَ مِنَ الْأَشْجارِ إِلّا الْأَكْثَرَ مَرارَةً مِنْ بَيْنِها، وَبِها تُطَعِّمُ حَسَبَما قُلْتُ.
٥٨ وَنُغَذّي ثانِيَةً أَشْجارَ الْبُسْتانِ، وَنُهَذِّبُ أَغْصانَها؛ وَنَنْزِعُ مِنَ الْأَشْجارِ تِلْكَ الْأَغْصانَ الَّتي أَصْبَحَتْ هَرِمَةً وَلا بُدَّ أَنْ تَهْلِكَ، وَنَطْرَحُها في النّارِ.
٥٩ وَأَفْعَلُ ذٰلِكَ لَعَلَّ جُذورَها تَسْتَمِدُّ قُوَّةً بِسَبَبِ جَوْدَتِها؛ وَبِسَبَبِ اسْتِبْدالِ الْأَغْصانِ، وَلِكَيْ يَطْغى الْجَيِّدُ عَلى الرَّديءِ.
٦٠ وَلِأَنَّني حَفِظْتُ الْأَغْصانَ الطَّبيعِيَّةَ وَالْجُذورَ، وَطَعَّمْتُ الْأَغْصانَ الطَّبيعِيَّةَ ثانِيَةً في شَجَرَتِها الْأُمِّ، وَحَفِظْتُ جُذورَ شَجَرَتِها الْأُمِّ، كَيْ تُثْمِرَ أَشْجارُ بُسْتاني ثِمارًا جَيِّدَةً ثانِيَةً؛ وَكَيْ أَبْتَهِجَ ثانِيَةً بِثِمارِ بُسْتاني، وَأَفْرَحَ فَرَحًا شَديدًا لِأَنّي حَفِظْتُ جُذورَ الثَّمَرَةِ الْأولى وَأَغْصانَها—
٦١ لِذٰلِكَ اذْهَبْ وَادْعُ خُدّامًا كَيْ نَعْمَلَ بِاجْتِهادٍ بِقُوَّتِنا في الْبُسْتانِ، كَيْ نُعِدَّ السَّبيلَ لِأَحْصُلَ ثانِيَةً عَلى الثَّمَرَةِ الطَّبيعِيَّةِ الَّتي هِيَ جَيِّدَةٌ وَأَثْمَنُ مِنْ كُلِّ ثَمَرَةٍ أُخْرى.
٦٢ لِذٰلِكَ فَلْنَذْهَبْ وَلْنَعْمَلْ بِقُوَّتِنا هٰذِهِ الْمَرَّةَ الْأَخيرَةَ، فَإِنَّ النِّهايَةَ تَقْتَرِبُ، وَهٰذِهِ هِيَ الْمَرَّةُ الْأَخيرَةُ الَّتي أُقَلِّمُ فيها بُسْتاني.
٦٣ طَعِّمِ الْأَغْصانَ؛ اِبْدَأْ بِالْأَخيرَةِ كَيْ تَكونَ الْأولى، وَتَكونُ الْأولى أَخيرَةً، وَاحْفِرْ حَوْلَ الْأَشْجارِ، الْقَديمَةِ وَالْحَديثَةِ، الْأولى وَالْأَخيرَةِ، وَالْأَخيرَةِ وَالْأولى، كَيْ تَتَغَذّى جَميعُها ثانِيَةً لِلْمَرَّةِ الْأَخيرَةِ.
٦٤ لِذٰلِكَ، احْفِرْ حَوْلَها وَقَلِّمْها وَسَمِّدْها ثانِيَةً لِلْمَرَّةِ الْأَخيرَةِ لِأَنَّ النِّهايَةَ تَقْتَرِبُ. وَإِذا نَمَتْ هٰذِهِ الْغَرْساتُ الْأَخيرَةُ، وَأَثْمَرَتْ ثَمَرًا طَبيعِيًّا، فَعَلَيْكَ أَنْ تُمَهِّدَ الطَّريقَ لَها كَيْ تَنْمُوَ.
٦٥ وَعِنْدَما تَبْدَأُ الْأَغْصانُ بِالنُّمُوِّ فَإِنَّكَ سَتُزيلُ الْأَغْصانَ الَّتي تُثْمِرُ ثَمَرًا مُرًّا وَفْقًا لِقُوَّةِ الْجَيِّدِ وَحَجْمِهِ؛ لا تُزِلْ ما هُوَ رَديءٌ دَفْعَةً واحِدَةً لِئَلّا تَكونَ قُوَّةُ الْجُذورِ زائِدَةً عَنِ الْمِقْدارِ الَّذي يُناسِبُ الْأَغْصانَ الْمُطَعَّمَةَ، فَتَهْلِكُ الْأَغْصانُ الْمُطَعَّمَةُ، وَأَفْقِدُ أَشْجارَ بُسْتاني.
٦٦ لِأَنَّهُ يُحْزِنُني أَنْ أَفْقِدَ أَشْجارَ بُسْتاني؛ لِذٰلِكَ سَتُزيلُ الرَّديءَ تَبَعًا لنُمُوِّ الْجَيِّدِ، كَيْ يَتَساوى الْجِذْرُ وَالْأَعْلى في الْقُوَّةِ، إِلى أَنْ يَطْغى الْجَيِّدُ عَلى الرَّديءِ، وَيُقْطَعَ الرَّديءُ وَيُطْرَحَ في النّارِ، كَيْ لا يَفْرِشَ أَرْضَ بُسْتاني، وَبِذٰلِكَ أَمْسَحُ الرَّديءَ مِنْ بُسْتاني.
٦٧ وَأُطَعِّمُ أَغْصانَ الشَّجَرَةِ الطَّبيعِيَّةِ ثانِيَةً في الشَّجَرَةِ الطَّبيعِيَّةِ؛
٦٨ وَأَغْصانُ الشَّجَرَةِ الطَّبيعِيَّةِ أُطَعِّمُها في الْأَغْصانِ الطَّبيعِيَّةِ لِلشَّجَرَةِ؛ وَهٰكَذا أَجْمَعُها مَعًا ثانِيَةً كَيْ تُثْمِرَ ثِمارًا طَبيعِيَّةً، وَسَتَكونُ واحِدَةً.
٦٩ وَيُطْرَحُ الرَّديءُ، أَجَلْ، يُطْرَحُ خارِجَ أَرْضِ بُسْتاني بِأَكْمَلِها؛ فَإِنَّني سَأُقَلِّمُ بُسْتاني هٰذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ.
٧٠ وَكانَ أَنَّ رَبَّ الْبُسْتانِ أَرْسَلَ خادِمَهُ؛ وَذَهَبَ الْخادِمُ وَفَعَلَ ما أَمَرَهُ بِهِ الرَّبُّ، وَأَحْضَرَ خَدَمًا آخَرينَ؛ وَكانوا قِلَّةً.
٧١ وَقالَ رَبُّ الْبُسْتانِ لَهُمْ: اِذْهَبوا وَاعْمَلوا في الْبُسْتانِ بِقُوَّتِكُمْ. فَإِنَّ هٰذِهِ هِيَ الْمَرَّةُ الْأَخيرَةُ الَّتي أُغَذّي فيها بُسْتاني؛ فَإِنَّ النِّهايَةَ قَريبَةٌ، وَالْمَوْسِمُ يَحِلُّ سَريعًا؛ وَإِذا عَمِلْتُمْ بِقُوَّتِكُمْ مَعي يَكونُ لَكُمْ بَهْجَةً بِالثَّمَرِ الَّذي سَأَدَّخِرُهُ لِنَفْسي اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ الَّذي سَيَحِلُّ قَريبًا.
٧٢ وَحَدَثَ أَنَّ الْخَدَمَ ذَهَبوا وَعَمِلوا بِقُوَّتِهِمْ؛ وَعَمِلَ رَبُّ الْبُسْتانِ مَعَهُمْ أَيْضًا؛ وَأَطاعوا أَوامِرَ رَبِّ الْبُسْتانِ في كُلِّ شَيْءٍ.
٧٣ وَبَدَأَتِ الثِّمارُ الطَّبيعِيَّةُ تَثْمُرُ ثانِيَةً في الْبُسْتانِ؛ وَبَدَأَتِ الْأَغْصانُ الطَّبيعِيَّةُ تَنْمو وَتَزْدَهِرُ جِدًّا؛ وَبَدَأَ قَطْعُ الْأَغْصانِ الْبَرِّيَّةِ وَطَرْحُها بَعيدًا؛ وَأَبْقَوْا عَلى الْجِذْرِ وَالْأَعْلى مُتَساوِيَيْنِ طِبْقًا لِقُوَّتِها.
٧٤ وَهٰكَذا عَمِلوا، بِكُلِّ اجْتِهادٍ، وَذٰلِكَ وَفْقًا لِأَوامِرِ رَبِّ الْبُسْتانِ، إِلى أَنْ طُرِحَ الرَّديءُ خارِجَ الْبُسْتانِ، وَاحْتَفَظَ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ بِالْأَشْجارِ الَّتي أَصْبَحَتْ ذاتَ ثَمَرٍ طَبيعِيٍّ؛ وَصارَتْ مِثْلَ جَسَدٍ واحِدٍ؛ وَكانَتِ الثِّمارُ مُتَماثِلَةً؛ وَحَفِظَ رَبُّ الْبُسْتانِ لِنَفْسِهِ الثَّمَرَ الطَّبيعِيَّ الَّذي كانَ الْأَثْمَنَ لَهُ مُنْذُ الْبَدْءِ.
٧٥ وَعِنْدَما رَأى رَبُّ الْبُسْتانِ أَنَّ ثِمارَهُ كانَتْ جَيِّدَةً، وَأَنَّ بُسْتانَهُ لَمْ يَعُدْ فاسِدًا، دَعا خَدَمَهُ وَقالَ لَهُمْ: إِنَّنا لِهٰذِهِ الْمَرَّةِ الْأَخيرَةِ غَذَّيْنا بُسْتاني؛ وَأَنْتُمْ رَأَيْتُمْ أَنَّني فَعَلْتُ وَفْقًا لِإِرادَتي؛ وَأَنَّني حَفِظْتُ الثَّمَرَ الطَّبيعِيَّ، وَأَنَّهُ جَيِّدٌ تَمامًا كَما كانَ في الْبَدْءِ. وَمُبارَكونَ أَنْتُمْ؛ فَلِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ مُجْتَهِدينَ في الْعَمَلِ مَعي بِبُسْتاني وَحَفِظْتُمْ وَصايايَ وَجَلَبْتُمْ لي ثانِيَةً الثَّمَرَ الطَّبيعِيَّ فَإِنَّ الْبُسْتانَ لَيْسَ فاسِدًا بَعْدَ الْآنَ، وَالرَّديءُ طُرِحَ بَعيدًا، فَإِنَّهُ سَيَكونُ لَكُمْ بَهْجَةٌ مَعي بِسَبَبِ ثَمَرِ بُسْتاني.
٧٦ فَإِنَّني لِفَتْرَةٍ طَويلَةٍ سَأَدَّخِرُ مِنَ الثَّمَرِ لِنَفْسي اسْتِعْدادًا لِمَوْسِمِ الْقَحْطِ الَّذي سَيَأْتي سَريعًا؛ وَلِلْمَرَّةِ الْأَخيرَةِ غَذَّيْتُ بُسْتاني وَقَلَّمْتُهُ وَحَفَرْتُ حَوْلَهُ وَسَمَّدْتُهُ؛ وَلِذٰلِكَ فَإِنّي سَأَدَّخِرُ لِنَفْسي مِنَ الثَّمَرِ لِفَتْرَةٍ طَويلَةٍ حَسَبَما قُلْتُ.
٧٧ وَعِنْدَما يَأْتي الْوَقْتُ الَّذي يَعودُ فيهِ الثَّمَرُ الرَّديءُ إِلى بُسْتاني فَإِنَّني عِنْدَها سَأَجْعَلُ الْجَيِّدَ وَالرَّديءَ يُجْمَعانِ؛ وَسَأَحْفَظُ الْجَيِّدَ لِنَفْسي وَالرَّديءَ سَأَطْرَحُهُ بَعيدًا في مَكانِهِ الْخاصِّ. وَعِنْدَئِذٍ يَأْتي الْمَوْسِمُ وَالنِّهايَةُ؛ وَسَأَجْعَلُ بُسْتاني يَحْتَرِقُ بِالنّارِ.