٢٠١٠–٢٠١٩
ثمن القوة الكهنوتية
المؤتمر العام نيسان 2016


ثمن القوة الكهنوتية

هل نحن مستعدون لأن نصل ونصوم وندرس ونبحث ونعبد ونخدم كرجال لله كي نتمكن من الحصول على القوة الكهنوتية؟

قبل ستة أشهر في المؤتمر العام في أكتوبر ٢٠١٥ تكلمت إلى الأخوات في الكنيسة عن دورهن الإلهي كنساء الله. الآن أرغب في أن أتكلم إليكم أيها الإخوة حول دوركم الإلهي كرجال الله. أثناء سفري حول العالم أتعجب من القوة والبر الخالص لرجال وصبية هذه الكنيسة. ببساطة لا يوجد طريقة لإحصاء القلوب التي شفيتموها والأرواح التي سموتم بها. شكرا!

في كلمتي في آخر مؤتمر تكلمت عن تجربة ماحقة مررت بها قبل عدة سنوات عندما لم أتمكن كجراح قلب من إنقاذ حياة أختين طفلتين. وبإذن من أبيهما أود أن أتكلم أكثر عن تلك الأسرة.

مرض القلب الخلقي كان المرض الذي ابتلي به أولاد روث وجيمي هاتفيلد الثلاثة. أول أبنائهم، جيمي الابن، توفي من دون أن يتم تشخيصه بشكل قاطع. دخلتُ في الصورة عندما طلب الوالدين المساعدة في حالة ابنتيهما لوريل آن وأختها الصغرى غاي لين. انسحق قلبي عندما ماتت كلا الفتاتين بعد عمليتيهما.١ بالطبع سحق ذلك روح روث وجيمي.

بمرور الزمن علمت أنهما كانا لا زالا ناقمين علي وعلى الكنيسة. لستة عقود استحوذتني هذه القصة وشعرت بالأسى من أجل آل هاتفيلد. حاولت عدة مرات أن أتصل بهم ولكن من دون جدوى.

لكن في إحدى الليالي في أيار الماضي أيقظتني هاتين الطفلتين من خلف حجاب الموت. ورغم أنني لم أر أو أسمعهما بحواسي الجسدية فقد شعرت بوجودهما. روحيا سمعت توسلاتهما. كانت رسالتهما موجزة وواضحة: “يا أخ نلسون إننا لسن مختومات لأي أحد! هل يمكنك مساعدتنا؟” بعد فترة وجيزة علمت أن والدتهم قد توفيت ولكن أبيهما واخيهما الأصغر كانا لا يزالان على قيد الحياة.

متشجعا بتوسلات لوريل آن وغاي لين حاولت ثانية الاتصال بأبيهما والذي علمت أنه يعيش مع ابنه شون. هذه المرة كانا على استعداد للقائي.

في حزيران ركعت أمام جيمي، وهو الآن في الثامنة والثمانين من العمر، وتكلمت معه قلبا لقلب. حدثته عن توسلات ابنتيه وأخبرته أنه سيشرفني أن أقوم بعمل مراسيم الختم لعائلته. كما أوضحت أيضا أنه وابنه شون سيحتاجان للقوت والكثير من الجهد كي يكونا مستحقين لدخول الهيكل حيث أنهما لم يكونا قد حصلا على الأعطية.

كان روح الرب ملموسا خلال الاجتماع. وعندما قبل كلا من جيمي وشون ما عرضته شعرت بفرح غامر! عملا بجد مع رئيس وتدهما وأسقفهما ومدرسيهم المنزليين وأزواج المبشرين الأكبر سنا. بعدئذ، وقبل فترة قصيرة، في هيكل بايسون بيوتا، كان لي الشرف الكبير لأختم روث وجيمي وأبنائهم الأربعة. بكيت أنا ووندي أثناء مشاركتنا في هذه التجربة الجليلة. لقد شُفِيَت الكثير من القلوب في ذلك اليوم!

صورة
الشيخ والأخت نلسن في الهيكل مع عائلة هاتفيلد

بعد التأمل شعرت بالإعجاب لديمي وشون وما كانا مستعدين لعمله. لقد أصبحا أبطالا لي. لو كانت لدي رغبة في قلبي فإنها ستكون أن كل رجل وصبي في هذه الكنيسة سيظهرون نفس الشجاعة والقوة والتواضع مثل هذا الأب والابن. لقد كانا مستعدين للمغفرة ونسيان العادات والإجحافات الماضية. لقد كانا مستعدين لتلقي الإرشاد من قادتهم الكهنوتيين كي يمكن لكفارة يسوع المسيح أن تنقيهم وتمجدهم. كلا منهما كان مستعدا ليصبح رجلا يحمل الكهنوت باستحقاق ”مذهب الله الأقدس.”٢

كلمة يحمل تعني توفير الإسناد لما يُحمل من ثقل. إن حمل الكهنوت ثقة مقدسة لأنه قوة وسلطة الله العظيمة. فكروا بذلك: الكهنوت الذي مُنِحنا إياه هو ذات القوةوالسلطة التي خلق بها الله عوالم لا تُحصى ويحكم السماوات والأرض ويُعْلي أبناءه المطيعين.٣

مؤخرا كنت أنا وويندي في اجتماع حيث كان عازف الأورغن جاهزا ومستعدا لعزف الترنيمة الافتتاحية. كانت عيناه على الموسيقى وأصابعه كانت على المفاتيح. بدأ بالعزف ولكن لم يكن هناك صوت. همست لويندي وقلت، ”يبدو أن الطاقة انقطعت.” كان تفسيري هو أن شيئا ما أوقف التيار الكهربائي إلى ذلك الأورغن.

أيها الأخوة، بالمثل، أنا أخشى أن هناك الكثير من الرجال الذين مُنِحوا سلطة الكهنوت هذه ولكنهم يفتقرون إلىالقوة الكهنوتية لأن سريان هذه القوة قد انقطع بسبب خطايا مثل الكسل والغش والكبرياء والفسق أو الانشغال بأمور العالم.

إنني أخشى أن هناك الكثير من حملة الكهنوت الذين فعلوا القليل أو لا شيء لتطوير قدرتهم للحصول على قوى السماء. إنني أخشى على كل من يحملون ما هو غير نقي من الأفكار والمشاعر والأعمال أو الذين يُذِلون زوجاتهم أو أبناءهم فيقطعون بالتالي مصدر قوتهم الكهنوتية.

إنني أخشى أن كثيرين للأسف قد أخضعوا إرادتهم للشيطان وهم يقولون بتصرفاتهم، ”إشباع رغباتي أهم من حمل قوة المخلص لمباركة الآخرين.”

إنني أخشى أيها الإخوة أن البعض بيننا سيستيقظون في يوم ما ليدركوا ماهية قوة الكهنوت ويشعروا بالندم العميق لأنهم قضوا الكثير من الوقت ليسيطروا على الغير أو الحصول على السلطة في عملهم بدلا من أن يتعلموا ممارسة قوة الله بشكل كامل.”٤ علَّمَ الرئيس جورج ألبرت سميث بأننا ”لسنا هنا لنعيش ساعات هذه الحياة لنمضي بعد ذلك إلى الإعلاء؛ لكننا هنا لنؤهل أنفسنا يوما بعد يوم لمناصب يريد منا أبونا أن نشغلها ما بعد هذه الحياة.”٥

لماذا يضيع أي إنسان أيام حياته ليحصل كعيسو على قدر من الحساء٦ في حين أنه قد مُنِح إمكانية الحصول على كل بركات إبراهيم؟7

إنني أتوسل إليكم وأناشد كلا منا أن نعيش بشكل يحترم امتيازاتنا كحملة للكهنوت. في اليوم الآتي، فقط الرجال الذين حملوا كهنوتهم محمل الجد بالاجتهاد في السعي لأن يتعلموا من الرب نفسه، سيتمكنون من أن يباركوا ويرشدوا ويحموا ويقووا ويشفوا الآخرين. فقط رجل دفع ثمن القوة الكهنوتية سيتمكن من إحداث المعجزات للذين يحبونهم وأن يحافظوا على زيجاتهم وعائلاتهم بأمان الآن وخلال الأبدية.

ما هو ثمن تطوير هذه القوة؟ عميد رسل المخلص، بطرس—وهو بطرس نفسه الذي قام مع يعقوب ويوحنا بمنح كهنوت ملكي صادق لجوزيف سميث وأوليفر كاودري—٨أنبأنا بالصفات التي يجب أن ننشدها كي نصير ”شركاء في الطبيعة الإلهية.”٩

صورة
بطرس ويعقوب ويوحنا يمنحون كهنوت ملكي صادق.

ذَكَرَ الإيمان والفضيلة والمعرفة والاعتدال والصبر والبر والعطف الأخوي والمحبة والاجتهاد.١٠ ولا تنسوا التواضع!١١ لذلك أسألكم كيف سيقيم أعضاء عائلاتنا وأصدقاؤنا وزملاء العمل ما نفعله لتطوير هذه الهبات الروحية وغيرها؟١٢ كلما قمنا بتطوير هذه الصفات كلما كانت قوتنا الكهنوتية أكبر.

ما هي السبل الأخرى التي يمكننا أن نزيد بها من قوتنا الكهنوتية؟ يجب أن نصلي من صميم قلوبنا. إن التكرار المهذب لأحداث الماضي والمستقبل والذي يتخلله طلب بعض البركات لا يشكل نوعية التواصل مع الله والذي يؤدي للحصول على القوة المستمرة. هل أنتم مستعدون للصلاة كي تعرفوا كيفية الصلاة للحصول على المزيد من القوة؟ الرب سيعلمكم.

هل أنتم مستعدون لتفتيش الكتب المقدسة والاغتراف من كلمات المسيح١٣—لتدرسوا بجد كي تحصلوا على المزيد من القوة؟ إن أردت أن ترى قلب زوجتك يفيض بالحب لك فدعها تراك على الإنترنت تدرس عقيدة المسيح١٤ أو تقرأ من الكتب المقدسة!

هل أنتم مستعدون للعبادة في الهيكل بانتظام؟ إن الرب يحب أن يقوم بالتعليم في بيته المقدس. تخيلوا كم سيكون مسرورا إن طلبتم منه أن يعلمكم عن مفاتيح الكهنوت والسلطة والقوة وأنتم تؤدون مراسيم كهنوت ملكي صادق في الهيكل المقدس.15 تخيلوا الزيادة التي يمكن أن تحظوا بها في القوة الكهنوتية.

هل أنتم مستعدون لتتبعوا قدوة الرئيس توماس مونسن في خدمة الآخرين؟ لعدة عقود سلك الطريق الطويلة إلى منزله متبعا إرشادات الروح كي يذهب إلى عتبة منزل شخص ما ويسمع كلمات مثل، ”كيف عرفت أن اليوم هو ذكرى وفاة ابنتنا؟” أو ”كيف عرفت أن عيد ميلادي اليوم؟” وإن أردتم حقا المزيد من القوة الكهنوتية فعليكم تقدير زوجاتكم والعناية بهن واحتضانهن ومشورتهن.

الآن، إن كانت هذه تبدو كمبالغات فرجاء فكروا كيف ستختلف علاقاتنا مع زوجاتنا وأبناءنا وزملاؤنا في العمل إن كان اهتمامنا باكتساب قوة الكهنوت يوازي اهتمامنا بالارتقاء في العمل أو زيادة رصيدنا المصرفي. إن قمنا فقط بتقديم أنفسنا باتضاع أمام الرب وطلبنا منه أن يعلمنا فإنه سيبين لنا كيف نزيد منقدرتنا للحصول على قوته.

في هذه الأيام الأخيرة فإننا نعرف أنه ستكون هناك هزات أرضية في أماكن مختلفة.١٦ ربما تكون إحدى هذه الأماكن المختلفة هي منازلنا حيث قد تحدث هزات عاطفية أو مالية أو روحية. قوة الكهنوت يمكنها تهدئة البحار ولئم الصدوع في الأرض. القوة الكهنوتية يمكنها أيضا أن تهدئ العقول وتبرئ الصدوع في قلوب من نحبهم.

هل نحن مستعدون للصلاة والصوم والدرس والبحث والعبادة والخدمة كرجال الله كي نحصل على مثل هذه القوة الكهنوتية؟ لأن طفلتين كانتا ترغبان بشدة في أن يُختَما لعائلتهم فقد كان أبوهما وأخوهما على استعداد لدفع ثمن حمل كهنوت ملكي صادق.

إخوتي الأعزاء، لقد مُنِحنا ثقة مقدسة—سلطة الله لنبارك الغير. لعل كل واحد منكم ينهض كرجل لله كما قُدِّر لكم أن تكونوا—مستعدين لحمل كهنوت الله بشجاعة ومتحمسين لدفع أي ثمن مطلوب للحصول على المزيد من قوته الكهنوتية. بهذه القوة يمكننا أن نساعد في إعداد العالم للمجيء الثاني لمخلصنا يسوع المسيح. هذه هي كنيسته يقودها اليوم الرئيس توماس مونسن الذي أحبه بشدة وأؤيده. بهذا أشهد باسم يسوع المسيح، آمين.