المؤتمر العام
اسكت واهدأ
المؤتمر العام لشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020


اسكتوا واهدأوا

يعلمنا المخلص كيف نشعر بالسلام والهدوء حتى عندما تهب الرياح بشدة حولنا وتهدد الأمواج العاتية آمالنا بالغرق.

عندما كان أبناؤنا صغارا في السن، قضت عائلتنا بضعة أيامٍ بالقرب من بحيرة جميلة. بعد ظهر أحد الأيام ، ارتدى بعض الأطفال سترات النجاة قبل القفز من على ظهر السفينة إلى الماء. راقبت ابنتنا الصغرى أخوتها بتردد وحذر. استجمعت كل ما لديها من شجاعة وسدت أنفها بيد واحدة وقفزت في الماء. ظهرت على الفور وبقليل من الذعر في صوتها صرخت، ”ساعدني! ساعدني!“

هي لم تكن في خطر حقيقي لأن سترتها كانت تقوم بدورها في حمايتها وجعلها تطفو بأمانٍ. كان بإمكاننا مدّ يدها وسحبها إلى السفينة بجهد ضئيل. لكن من وجهة نظرها فهي كانت تعتقد بأنها بحاجة إلى المُساعدة. ربما كانت خائفة بسبب برودة الماء وحداثة التجربة. على أية حال، صعدت مرة أخرى إلى السفينة، حيث قمنا بلفها بمنشفة جافة وقمنا بالثناء على شجاعتها.

سواء كنا كبارًا أو صغارًا، فقد نطق الكثير منا، في لحظات الشدة، بكلمات عاجلة وطارئة مثل ”ساعدني“ ”خلصني!“ أو ”رجاءً، استجب لصلاتي!“

مثل تلك الحادثة حصلت مع أحد تلامذة يسوع أثناء خدمته الأرضية. مثل تلك الحادثة حصلت ”مع أحد تلامذة يسوع أثناء خدمته الأرضية.“١ تضاعفت الجموع لدرجة أن يسوع ”دَخَلَ ٱلسَّفِينَةَ“٢ وتحدث من على ظهر السفينة. لقد علم الناس طوال اليوم بالأمثال بينما كانوا هم جالسين على الشاطئ.

”ولَمَّا كَانَ ٱلْمَسَاءُ:،“ قال لتلاميذه، ”لِنَجْتَزْ إِلَى ٱلْعَبْرِ. ولما صرفوا الجمع،“٣ تركوا الشاطئ وكانوا في طريقهم عبر بحر الجليل. وجد يسوع مكانا في مؤخرة السفينة، واستلقى ونام بسرعة. سرعان ما ”حَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ ٱلْأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى ٱلسَّفِينَةِ حَتَّى [كادت] تَمْتَلِئُ“٤ بالماء.

كان العديد من تلاميذ يسوع صيادين متمرسين وعرفوا كيفية التعامل مع قارب في وسط العاصفة. لقد كانوا تلاميذه — المحبين — الموثوق بهم. لقد تركوا أعمالهم ومصالحهم الشخصية وعائلاتهم ليتبعوا يسوع. كان إيمانهم به واضحًا يتمثل بوجودهم في القارب. والآن كان قاربهم في وسط عاصفة وكان على وشك الغرق.

لا نعرف كم من الوقت حاربوا لإبقاء القارب طافيًا على سطح الماء في وسط العاصفة، لكنهم أيقظوا يسوع بقليل من الذعر في أصواتهم قائلين:

”يا مُعلم، أما يهمك أننا نهلك؟“٥

”خلصنا يارب: إننا نهلك.“٦

لقد نادوه ”بالمعلم“، وهو مُعلمٌ بحق. هو أيضا ”يسوع المسيح، ابن الله، أب السماء والأرض، خالق كل الأشياء منذ البداية.“٧

صورة
اسكتوا، اهدأوا

نهض يسوع من مكانه في القارب وانتهر الريح وقال للبحر الهائج، ”ٱسْكُتْ! إهدأ! فسكتت الريح وصار هدوء عظيم.“٨ يسوع المعلم، علم تلاميذه بحب عن طريق سؤالين بسيطين. سألهم:

”مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟“٩

كَيْفَ لَا إِيمَانَ لَكُمْ؟“١٠

هناك نزعةٌ أرضية، وحتى إغراء لأن نصرخ ونحن في وسط المحن والصعاب قائلين: ”يا معلم، ألا تهتم بأنني أهلك؟ خلصني“. حتى جوزف سميث ناشد الله من سجن مروع، ”يا الله، أين أنت؟ وأين السُّرادق الذي يُغطي مكانك اختبائك؟“١١

بالتأكيد ، يتفهم مخلص العالم حدود قدراتنا الأرضية، لأنه يعلمنا كيف نشعر بالسلام والهدوء حتى عندما تهب الرياح بشدة حولنا وتهدد الأمواج العاتية آمالنا بالغرق.

إلى من يتمتعون بإيمان مُثبت كإيمان طفل صغير، أو حتى يتمتعون بأصغر جزء من الإيمان١٢، يدعو يسوع قائلاً، ”تعالوا إليَّ“؛١٣ ”آمنوا بإسمي“؛١٤ ”تعلموا مني، وانصتوا لكلماتي“.١٥ هو يأمرنا بحنان ورقة، ”توبوا واعتمدوا باسمي،“١٦ ”أحبوا بعضكم بعضاكما أحببتكم،“ ١٧ ”واذكروني دائماً“.١٨ ويؤكد يسوع موضحاً: ”قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلَامٌ. فِي ٱلْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ ٱلْعَالَمَ.“١٩

يمكنني تخيل تلاميذ يسوع في القارب الذي كانت تعصف به الرياح، مُنشغلين بمشاهدة الأمواج وهي تصطدم بسطح السفينة وتلطمه بالمياه. يمكنني تخيلهم وهم يحاولون التعامل مع الأشرعة ويحاولون الحفاظ بعض من السيطرة على مركبتهم الصغيرة. لقد كان تركيزهم في تلك اللحظة فقط على النجاة، وكانت مناشدتهم لطلب المساعدة السريعة صادقة.

كثير منا في يومنا هذا لا يختلف عنهم. لقد عصفت بنا الأحداث الأخيرة حول العالم وعصفت في دولنا ومجتمعاتنا وعائلاتنا بتجارب غير متوقعة. في أوقات الاضطرابات يمكننا أن نشعر بأننا تحت ضغوط قد تضغط على إيماننا بدرجة تفوق قدرتنا على الصمود والفهم. موجات الخوف قد تشتتنا، دافعة بنا لأن ننسى طيبة الله، وتاركة إيانا بقصر نظر وتركيز مشتت. و مع ذلك فإنه في هذه المرحلة الصعبة من رحلتنا سيُجرب إيماننا ويتقوى.

بغض النظر عن ظروفنا، يمكننا أن نبذل جهودا متعمدة لأن نبني ونزيد من إيماننا بيسوع المسيح. يتقوى إيماننا عندما نتذكر بأننا أبناء الله وهو يحبنا. ينمو ايماننا عندما نجرب كلمة الله بأمل واجتهاد ونبذل أفضل ما بوسعنا لنتبع تعاليم المسيح. يزداد إيماننا عندما نختار أن نؤمن بدلاً من الشك، ونغفر بدلاً من أن نحكم، ونتوب بدلاً من أن نتمرد. يتم تنقية إيماننا عندما نعتمد بصبر على مزايا ورحمة ونعمة المسيا المقدس.٢٠

قال الشيخ نيل أ. ماكسول، ”في حين أن الإيمان ليس هو المعرفة الكاملة، فإنه يُعمق ثقتنا بالله، الذي تُعد معرفته كاملة.“٢١ حتى في الأوقات العصيبة، يكون الإيمان بالرب يسوع المسيح شجاعًا وصامدًا. فهو يساعدنا على تمييز الأمور غير المهمة التي تشتت انتباهنا. وهو يشجعنا على أن نستمر في السير على درب العهد. الإيمان يدحض الإحباط ويسمح لنا بمواجهة المستقبل بكل عزيمة وقوة. هو يُحفزنا على نسأل ونطلب الغوث والمساعدة عندما نُصلي إلى الآب باسم ابنه. وعندما يبدو لنا بأن صلاتنا لم تستجاب، فإن إيماننا المستمر بيسوع المسيح يُنتج الصبر والتواضع والقدرة على نطق هذه الكلمات بخشوع، ”لتكن مشيئتك“.٢٢

عَلَمَ الرئيس رسل م. نلسن:

”لا يجب أن نسمح لمخاوفنا أن تحل محل إيماننا. يمكننا أن نُحارب تلك المخاوف بتقوية إيماننا.

”ابدأوا بأبنائكم. … دعوهم يشعرون بإيمانكم، حتى في خضم المحن التي تمرون بها. ليرتكز إيمانكم على أبينا السماوي المُحب وابنه الحبيب، الرب يسوع المسيح. … علموا كل ولد وبنت بأنهم أبناء الله، خلقوا على صورته، وكُلٌ له هدف وقُدرةٌ مقدسين. كُلٌ منهم مولودٌ بتحديات يجب أن يتغلب عليها وبإيمان يجب عليه تقويته وتطويره.“٢٣

لقد استمعت مؤخرا إلي طفلين في الرابعة من عمرهما يتحدثان عن إيمانهم في يسوع المسيح عندما أجابا عن السؤال ”كيف يساعدكم يسوع المسيح؟“ قال الطفل الأول. ”أنا أعلم بأن يسوع يحبني وبأنه مات لأجلي. هو أيضا يحب الناضجين والكبار“. قال الطفل الثاني، ”هو يساعدني عندما أكون حزينا أو غاضباً. هو أيضا يساعدني عندما أغرق“.

أعلن يسوع، ”فَكُلُّ مَنْ يَتُوبُ وَيَأْتِي إِلَيَّ كَطِفْلٍ صَغِيرٍ سَأَقْبَلُهُ لأَنَّ لِمِثْلِ هٰؤُلاءِ مَلَكُوتُ ٱللهِ“.٢٤

”لأنّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياة ُالأبديَّة“.٢٥

وعد الرئيس نلسن مؤخراً، ”تناقص الخوف وتزايد الإيمان سيكونان النتيجة“ عندما ”نبدأ من جديد بالاستماع حقا إلى كلمات المخلص“.٢٦

صورة
يسوع المسيح يهدئ البحر

أخواتي وإخوتي، تحدياتنا وظروفنا الحالية ليست نهاية المطاف أو وجهتنا الأبدية. كأعضاء في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، نحن أخذنا على عاتقنا اسم يسوع المسيح بالعهد. لدينا إيمان بقوته الفادية وأمل في وعوده العظيمة والثمينة. لدينا كل الحق بأن نبتهج، لأن ربنا ومخلصنا مهتم بأمر مشاكلنا وهمومنا وأحزاننا. وتماما كما كان يسوع مع تلاميذه، فهو موجودٌ معنا في قاربنا! أشهد بأنه أعطى حياته كي لا تهلكوا أنتم ولا أنا. دعونا نثق به ونحفظ وصاياه لنسمعه بايمان يقول، ”اسكتوا، اهدأوا.“٢٧ باسم يسوع المسيح المُقَدَّس، آمين.