٢٠١٠–٢٠١٩
الهيئة الالهية وخطة الخلاص
نيسان/ ابريل 2017


الهيئة الإلهية وخطة الخلاص

لأننا نمتلك الحق عن الهيئة الالهية وعلاقتنا بهم، فلدينا خارطة الطريق المطلقة خلال رحلة الفناء.

1.

أول بنود إيماننا يقول: ”نؤمن بالله، الآب الأزلي، وبابنه يسوع المسيح، وبالروح القدس. “إننا نشارك معظم المسيحيين هذا الإيمان بالآب والابن والروح القدس، لكن ما نؤمن به عنهم يختلف عما يؤمن به الآخرون. نحن لا نؤمن بما يدعوه العالم المسيحي عقيدة الثالوث الأقدس. في رؤياه الأولى رأى النبي جوزيف سميث شخصيتين منفصلتين، كائنين، مما أوضح أن ما كان سائدا عندئذ من معتقدات عن الله والهيئة الإلهية لم يكن صحيحا.

على النقيض من الإيمان بأن الله هو سر لا يمكن إدراكه أو معرفته فإننا نؤمن بأن حقيقة طبيعة الله وعلاقتنا معه معروفة وهي مفتاح كل شيء في عقيدتنا. في الصلاة الشفاعية العظيمة ليسوع في الكتاب المقدس حيث أعلن ”وهذِهِ هي الحياةُ الأبديَّةُ: أنْ يَعرِفوكَ أنتَ الإلهَ الحَقيقيَّ وحدَكَ ويَسوعَ المَسيحَ الّذي أرسَلتَهُ“ (يوحنا ١٧:٣).

صورة
بنود إيماننا

الجهد لمعرفة الله وعمله بدأ قبل الحياة الأرضية ولن ينتهي بها. علم النبي جوزيف سميث، ”ستمر فترة طويلة بعد مروركم وراء الحجاب إلى أن تتعلموا [كل مبادئ الإعلاء].“1 إننا نبني على أساس ما تعلمناه في حياتنا في عالم الأرواح ما قبل الأرضي. وهكذا، في محاولة لتعليم شعب إسرائيل عن طبيعة الله وعلاقته بأبنائه فقد أعلن النبي أشعياء، كما كتب في الكتاب المقدس:

”فبمَنْ تُشَبِّهونَ اللهَ، وأيَّ شَبَهٍ تُعادِلونَ بهِ؟ ...

”ألا تعلَمونَ؟ ألا تسمَعونَ؟ ألَمْ تُخبَروا مِنَ البَداءَةِ؟ ألَمْ تفهَموا مِنْ أساساتِ الأرضِ؟“ (إشعياء ٤٠: ١٨، ٢١).

إننا نعلم أن هناك ثلاث أعضاء في الهيئة الإلهية منفصلون ومتميزون. إننا نعلم هذا من خلال الإرشاد الذي أُعطِي للنبي جوزيف سميث: ”إن للآب جسدا من اللحم والعظام ملموسا كجسد الإنسان؛ كذلك أيضا الابن؛ ولكن الروح القدس لا جسد له من اللحم والعظام ولكنه شخصية روحية فإن لم يكن الأمر هكذا فلن يمكن للروح القدس أن يحل فينا“ (م.ع ١٣٠: ٢٢).

وبالنسبة للوضعية السامية لله الآب ضمن الهيئة الإلهية، وأيضا ما يؤديه تبعا لذلك من أدوار، أوضح النبي جوزيف سميث:

صورة
النبي جوزيف سميث

”كل من رأى السماء مفتوحة يعلم أن هناك ثلاث شخصيات في السموات تحمل مفاتيح القوة وشخص واحد يرأسها ...

”...  هذه الشخصيات ... تُدعى الله الأول، الخالق؛ الله الثاني، الفادي؛ والله الثالث، الشاهد أو الموصي.

”اختصاص الآب هو أن يترأس كرئيس أو سيد، ويسوع كالشفيع، والروح القدس كموصي أو شاهد.“2

2. الخطة

إننا نفهم علاقتنا مع أعضاء الهيئة الإلهية من خلال ما أُوحٍي به عن خطة الخلاص.

أسئلة مثل من أين أتينا. لماذا نحن هنا؟ وإلى أين نذهب؟ كلها تُجاب فيما تدعوه الكتب المقدسة ”خطة الخلاص،“ و”خطة السعادة العظيمة،“ أو ”خطة الفداء“ (ألما ٤٢: ٥، 8، 11). إنجيل يسوع المسيح محوري لهذه الخطة.

كأبناء روحيين لله، في وجود سبق الحياة الأرضية، رغبنا أن يكون مصيرنا الحياة الأبدية ولكننا تقدمنا إلى أقصى درجة ممكنة دون تجربة الحياة الفانية في جسد مادي. ولنحصل على هذه الفرصة فقد ترأس أبونا السماوي على خلق هذا العالم حيث نكون محرومين من الذاكرة بما سبق ولادتنا على الأرض فإنه يمكننا أن نثبت رغبتنا في حفظ وصاياه ونجرب التقدم من خلال التحديات الأخرى في الحياة الفانية. ولكن خلال مجرى هذه الحياة الفانية، ونتيجة لسقوط أبوينا الأولين فإننا كنا سنعاني من الموت الروحي من خلال الانقطاع عن محضر الله وندنس بالخطية ونصبح عرضة للموت الجسدي. خطة الآب توقعت وزردتنا بطرق للتغلب على كل هذه الحواجز.

٣. الهيئة الإلهية

بمعرفتنا للغرض من خطة الله العظيمة فإننا سنناقش بالترتيب أدوار أعضاء الهيئة الإلهية الثلاث في تلك الخطة.

نبتدئ بأحد تعاليم الكتاب المقدس. في ختام رسالتة الثانية إلى أهل كورنثوس أشار الرسول بولس عرضا إلى الهيئة الإلهية المكونة من الآب والابن والروح القدس: ” نِعمَةُ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ، ومَحَبَّةُ اللهِ، وشَرِكَةُ 3الرّوحِ القُدُسِ مع جميعِكُمْ“ (٢  كورنثوس ١٣:١٤).

هذه الآية الكتابية تمثل الهيئة الإلهية وتشير إلى شمولية وحافزية محبة الله الآب ومهمة الرحمة الخلاصية ليسوع المسيح، ورفقة وشراكة الروح القدس.

الله الآب

كل شيء يبدأ بالله الآب. وفي حين أننا نعرف القليل عنه، فإن ما نعرفه حاسم لفهمنا لموقعه الفائق، وعلاقتنا معه، ودوره الإشرافي في خطة الخلاص والخلق وكل ما تبع ذلك.

وكما كتب الشيخ بروس  ر. مكونكي قبل وفاته: ”بالمعنى النهائي والختامي للكلمة فإن هناك إلها واحدا حقا وحيا. إنه الآب. إلوهيم الجبار. الكائن الفائق وخالق وحاكم الكون.“4 إنه الله أبو يسوع المسيح وجميعنا أيضا. علمنا الرئيس ديفيد أ. مكاي بأن ”الحقيقة الأساسية الأولى التي أيدها يسوع المسيح كانت ما يلي: أنه من وراء وفوق وعلى كل شيء يوجد الله الآب، رب السماء والأرض.“5

ما نعرفه عن طبيعة الله الآب نتعلم معظمه من خدمة وتعاليم ابنه المولود الوحيد، يسوع المسيح. وكما علمنا الشيخ جيفري  ر. هولاند فإن أحد أهم غايات خدمة يسوع المسيح كانت أن يكشف للبشر ”ماهية أبينا السماوي، ... وأن يوحي ويشخص لنا الطبيعة الحقيقية لأبيه، أبونا السماوي.“6 يضم الكتاب المقدس شاهدا رسوليا بأن يسوع كان ”رسم صورة“ شخص أبيه (عبرانيين ١:٣)، مما يوضح تعليم يسوع بأن ”من رآني فقد رأى الآب“ (يوحنا ١٤:٩).

الله الآب هو أبو أرواحنا. نحن أبناؤه. إنه يحبنا وكل ما يفعله هو لمنفعتنا الأبدية. إنه محرر خطة الخلاص، ومن خلال قوته فإنها تحقق كل أغراضها بحصول أبنائه على أقصى درجات المجد.

الابن

بالنسبة للبشر الفانين فإن أكثر عضو مرئي في الهيئة الإلهية هو يسوع المسيح. البيان العقائدي في عام ١٩٠٩ من الرئاسة الأولى يعلن بأنه ”بكر كافة أبناء الله—المولود الأول في الروح والمولود الوحيد في الجسد.“7 الابن، أعظم الجميع، اختاره الآب لينفذ خطة الآب—ليستخدم قوة الآب على خلق عوالم لا تُحصى (انظر موسى ١:٣٣) وتخليص أبناء الله من الموت بقيامته ومن الخطية بكفارته. هذه ”الأضحية السماوية“ هي بحق ما يُدعى ”عمل مركزي في التاريخ البشري.“8

صورة
الرب يسوع يسوع المسيح

في تلك المناسبات المتميزة والمقدسة التي قدم فيها الله الآب ابنه شخصيا، قال، ”هذا هو ابني الحبيب: اسمعه“ (مرقس ٩:٧؛ لوقا ٩:٣٥؛ انظر أيضا ٣ نافي ١١:٧؛تاريخ جوزيف سميث ١:١٧). وعلى هذا فإن يسوع المسيح، كيهوة، رب وإله إسرائيل، هو الذي يتكلم إلى الأنبياء ومن خلالهم. 9 وكذلك عندما ظهر يسوع للنافيين بعد قيامته قدم نفسه على أنه ”إله كل الأرض“ (٣ نافي ١١:١٤). وهكذا فإن يسوع يتكلم تكرارا إلى الأنبياء في كتاب مورمون وإلى قديسي الأيام الأخيرة على أنه ”الآب والابن،“ وهو لقب أوضح في الشرح العقائدي الملهم من الرئاسة الأولى ورابطة الرسل الاثني عشر قبل ١٠٠ عام.10

الروح القدس

العضو الثالث في الهيئة الإلهية هو الروح القدس، والذي يشار إليه أيضا بروح الرب والمعزي. إنه عضو الهيئة الإلهية الذي يعمل كوسيط للوحي الشخصي. وكشخصية روحية (انظر م.ع ١٣٠:٢٢)، فإنه يمكنه أن يسكننا ويؤدي الدور الأساسي كأداة تواصل بين الآب والابن وأبناء الله على الأرض. الكثير من الآيات الكتابية تعلم أن مهمته هي أن يشهد للآب والابن (انظر يوحنا ١٥:٢٦؛ ٣ نافي ٢٨:١١؛ م.ع ٤٢:١٧). لقد وعدنا المخلص بأن المعزي سيعلمنا كل الأشياء ويستحضر كل الأشياء لذاكرتنا ويقودنا إلى كل حق (انظر يوحنا ١٤:٢٦؛ ١٦:١٣). وهكذا، فإن الروح القدس يساعدنا على التمييز ما بين الحق والخطأ ويرشدنا في اتخاذ قراراتنا الكبرى ويساعدنا خلال تحديات الحياة الفانية. إنه أيضا من الوسائل التي يمكننا أن نطهر بها، أي نُنظف وننقى من الخطية (انظر ٢  نافي ٣١:١٧؛ ٣  نافي ٢٧:٢٠؛ موروني ٦:٤).

IV.

إذا، كيف يمكن لفهم هذه العقائد الموحى بها سماويا عن الهيئة الإلهية وخطة الخلاص أن تساعدنا في تحدياتنا اليوم؟

لأننا نمتلك الحقيقة عن الهيئة الإلهية وعلاقتنا معهم، والغرض من الحياة، وطبيعة مصيرنا الأبدي، فإن لدينا أفضل خارطة طريق وضمان لرحلتنا خلال الحياة الفانية. إننا نعرف ما نعبد ولماذا نعبده. إننا نعرف ماهيتنا وما يمكننا أن نصير إليه (انظر م.ع ٩٣: ١٩). إننا نعرف ما يجعل كل هذا ممكنا، ونعرف ما يجب أن نفعله للاستمتاع بالبركات القصوى التي تأتي من خلال خطة الله للخلاص. كيف نعرف كل هذا؟ إننا نعرف من خلال وُحِي الله إلى أنبيائه ولكل منا شخصيا.

للظفر بما وصفه الرسول بولس بأنه ”قياسِ قامَةِ مِلءِ المَسيحِ“ (أفسس ٤: ١٣) فإنه يجب الحصول على ما يفوق مجرد اكتساب المعرفة. بل ولا يكفي بالنسبة لنا أن نكون مقتنعين بالإنجيل؛ علينا أن نعمل ونفكر بحيث نهتدي به. وعلى النقيض من مؤسسات العالم التي تعلمنا أن نعرف شيئا، فإن خطة الخلاص وإنجيل يسوع المسيح تدعونا لنصبح شيئا.

صورة
الرئيس توماس س. مونسن

وكما علمنا الرئيس توماس  س. مونسن في مؤتمرنا العام الأخير:

”مخلصنا يسوع المسيح ضروري لخطة [الخلاص]. دون أضحيته الكفارية فإن الكل هباء. مع ذلك فإن الإيمان به وبمهمته لا يكفي. إننا بحاجة للعمل والتعلم، البحث والصلاة، التوبة والتقدم. إننا بحاجة لمعرفة شرائع الله والحياة حسبها. إننا بحاجة للحصول على مراسيمه الخلاصية. فقط بعمل ذلك نحصل على السعادة الحقيقية والأبدية. ...

”من أعماق قلبي وبكل تواضع، أشهد للهبة العظيمة التي هي خطة أبينا لأجلنا. إنها السبيل الوحيد الكامل للسلام والسعادة في كل من هذه الحياة وفي العالم الآتي.“12

أضيف شهادتي إلى شهادة نبينا. أشهد بأن أبونا السماوي يحبنا. أشهد بأن الروح القدس يقودنا. وأشهد بأن مخلصنا من جعل كل شئ ممكنا باسم يسوع المسيح، آمين.

ملاحظات

  1. Teachings of Presidents of the Church: Joseph Smith (2007), 268.

  2. Teachings: Joseph Smith, 42.

  3. This was a common meaning of communion when that word was chosen by the King James translators (see The Oxford Universal Dictionary, 3rd ed., rev. [1955], 352).

  4. Bruce R. McConkie, A New Witness for the Articles of Faith (1985), 51.

  5. David O. McKay, in Conference Report, Oct. 1935, 100.

  6. Jeffrey R. Holland, “The Grandeur of God,” Liahona, Nov. 2003, 70.

  7. First Presidency, “The Origin of Man,” Ensign, Feb. 2002, 26, 29.

  8. See, for example, Russell M. Nelson, “Drawing the Power of Jesus Christ into Our Lives,” Liahona, May 2017, 40; “The Living Christ: The Testimony of the Apostles,” Liahona, Apr. 2000, 2.

  9. See Joseph Fielding Smith, Doctrines of Salvation, comp. Bruce R. McConkie (1954), 1:27.

  10. See First Presidency and Quorum of the Twelve Apostles, “The Father and the Son,” Ensign, Apr. 2002, 13–18.

  11. See Robert D. Hales, “The Holy Ghost,” Liahona, May 2016, 105–7.

  12. Thomas S. Monson, “The Perfect Path to Happiness,” Liahona, Nov. 2016, 80–81.